إن تباطؤ الاقتصاد العالمي والأزمة المالية كان تركيز النقاش في قمة مجموعة الـ20. ولكن من المهم أن لا تمنع القضايا الاقتصادية قادة مجموعة الـ20 من معالجة مشكلة أخرى تؤثر على الملايين من الناس حول العالم وهي الجوع. وتطرقت فرنسا، رئيسة مجموعة الـ20، لقضايا الأمن الغذائي وارتفاع أسعار المواد الغذائية مما يعد خطوة في الطريق الصحيح.
ما هو حجم المشكلة؟ يشير تقرير عام 2011 لمؤشر الجوع العالمي أنه في عالم ينتج ما يكفي من السعرات الحرارية لكل شخص، مازال الجوع في العالم ينتشر بشكل كبير ويمكن وصفه بأنه خطير. وحيث أن الجوع في العالم قد انخفض خلال العقدين الماضيين إلا أن مليار شخص مازالوا يعانون من عواقب الجوع.
مما لا شك فيه أن جميع مناطق العالم قد أحرزت تقدما في الحد من الجوع منذ عام 1990. وحققت بعض الدول تقدما مذهلاً ككمبوديا وغانا ونيكاراغوا حيث تحسن مؤشر الجوع لديهم بدرجات كبيرة على مدى العقدين الماضيين. ولكن الجوع لا يزال مرتفعا بشكل غير مقبول في جنوب آسيا وأفريقيا، حيث أن الملايين من الناس أصبحت حياتهم مهددة بسبب نقص الغذاء المغذي.
وفي السنوات الماضية، تعقدت مهمة التغلب على الجوع بسبب ارتفاع أسعارالمواد الغذائية وعدم استقرارها. إنتاج الوقود الحيوي والطقس المتقلب ونمو السكان بالإضافة إلى نمو الدخل رفع من أسعار المواد الغذائية وساهم في تقلب الأسعار. ولهذا يجد الفقراء صعوبة في الحصول على الأطعمة المغذية مثل الفاكهة والخضار واللحوم بأسعار معقولة.
ولكن ماذا عن المزارعين؟ تؤدي الأسعار العالية في منع المزارعين أيضاً من الحصول على الأغذية المفيدة حيث أن أغلب المزارعين في البلدان النامية يتشترون الغذاء في السوق أكثر مما ينتجون في أراضيهم، لذا فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية تعد تكلفة بلا فائدة بالنسبة لهم.
علاوة على ذلك، فإن عدم استقرار أسعار المواد الغذائية يعني أن المزارعين لا يعرفون كم سيكسبون من منتجاتهم. لذا لا يمكن للمزارعين الاستثمار في نوعية عالية من البذور والأسمدة وذلك لأن هذه الاستثمارات خطرة وقد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف وتبخر أرباحهم.
وتشهد فرق العمل في الميدان هذه الحالات بشكل يومي في القرن الأفريقي وآسيا الوسطى، من هايتي إلى الهند ، وتعمل فرق العمل مكرسة لمعالجة هذه المشاكل سواء في حالات الطوارئ أو من خلال برامج التنمية.
ماذا يعني هذا بالنسبة لرؤساء دول مجموعة الـ20 المتجمعين في كان هذا الاسبوع؟ لقد اتخذت هذه البلدان خطوات مهمة لدعم الزراعة والأمن الغذائي في البلدان النامية حيث أنه في قمة 2009 في لاكويلا بإيطاليا، التزمت البلدان مجموعة الـ20 بتقديم مبلغ 22 مليون دولار أمريكي على مدى ثلاث سنوات لتحسين الأمن الغذائي من خلال الزراعة والاستثمارات الأخرى. وفي يونيو 2011، اتخذت مجموعة الـ20 عدة خطوات للمساعدة في استقرار أسعار المواد الغذائية عن طريق زيادة المعلومات المتاحة عن الأسعار والمخزونات الغذائية وإقامة الاحتياطيات الغذائية في حالات الطوارئ لمنع الآثار المترتبة على ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ومع ذلك، وبعد مرور سنتين على قمة لاكويلا، فإن مجموعة الـ20 لم توفي بالتزاماتها، ويجب اتخاذ خطوات لمعالجة الأسباب الكامنة وراء تقلب أسعار المواد الغذائية والتي هي إنتاج الوقود الحيوي وتغير المناخ ونقص الاستثمار الزراعي التي يمكن أن تساعد المزارعين الصغار في تحسين إنتاجيتها وبناء قدرتها لمواجهة الصدمات الطبيعية ومخاطر السوق.
البلدان المتقدمة الممثلة في قمة مجموعة الـ20 يكافحون مشاكل خطيرة ومخيفة، بما في ذلك النظم المالية غير المستقرة والنمو الاقتصادي الضعيف وارتفاع معدلات البطالة ولكن ينبغي ألا ننسى أن العديد من البلدان النامية لا يستطيعون مواجهة المستقبل الذي يبدو أكثر سوءاً، حيث أن الناس يفتقرون إلى الغذاء ليعيشوا حياة صحية ومنتجة. لذا حان الوقت لجعل مجموعة الـ20 تفي بالتزاماتها واتخاذ إجراءات لتحقيق الاستقرار في النظام الغذائي العالمي.
– –كتب هذه الافتتاحية والتي نشرت على موقع صحيفة ليموند الفرنسية بتاريخ 4/11/2011 فريدريك روسيل، (مدير التنمية في آكتيد فرنسا وتوم ارنولد (الرئيس التنفيذي لـConcern Worldwide بايرلندا) وفان شنغن (المدير العام للوكالة الدولية لبحوث السياسات الغذائية في الولايات المتحدة الأمريكية) وولفغانغ جامان (الأمين العام ورئيس دويتشه Welthungerhilfe في ألمانيا) وجيانجي ميلاسي (رئيس Cesvi في إيطاليا)